وظيفة "الخوي" في العصر السَوي
حمد العماري
"الخوي" عند أهل نجد هو الصديق؛ وعندما يقول أحد فلان خويي فهو يعني صديقي. أمّا في بقيّة أرجاء المملكة وحتّى في نجد نفسها، أصبح اليوم لكلمة "الخوي" معنًى آخر أقرب لأن يكون المرافق أو مستشار أو نديم.
"الخوي" عند أهل نجد هو الصديق؛ وعندما يقول أحد فلان خويي فهو يعني صديقي. أمّا في بقيّة أرجاء المملكة وحتّى في نجد نفسها، أصبح اليوم لكلمة "الخوي" معنًى آخر أقرب لأن يكون المرافق أو مستشار أو نديم.
وقد لا يعلم البعض أن الخوي أو "الخويا" (جمع خوي) كان لهم دوراً كبيراً ومهمّاً في تاريخ المملكة العربية السعوديّة الحديث. فقد كان الخويا في بادئ الأمر جزءاً من جيش الفتح؛ ففي حين كانت بقيّة الجيوش تعود لبلدانها، كان الأمير يستبقي معه فئة من أقرب الناس إليه، بدواً كانوا أم حضراً، من المنطقة ومن خارجها، وأكثرهم معرفة بالبلد، وتُعرف هذه الفئة بالخويا التي تشكّل الأداة التنفيذيّة للأمير.
وكان للخويا أثر كبير في فرض هيبة الـحكم والأمير؛ فهم يشرفون على تنفيذ الأوامر، ويفرضون النظام، ويضربون بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه الخروج على النظام وذلك قبل أن ينظّم جهاز الشرطة والجيش الرسمي.
وقد تطوّر هذا المفهوم مع تغيّر الظروف وتطوّرات الأوضاع التاريخيّة والسياسيّة، فأصبح الخوي يعمل مرافقاً للملوك والأمراء من ذوي المناصب الرسمية وأمراء المناطق.
ويكتسب الخوي هذه الأيام – بعد أن تحوّل من دوره الأمني ليُصبح بمثابة مستشار – مكانةّ بارزةً في المجتمع؛ فعادةًّ ما يكون على قدر كبير من الثقافة والعلم والمعرفة، وغالباً ما يكون أديباً أو شاعراً أو أقلّه مطّلعاً على التاريخ ويحفظ كتابات الأدباء والشعراء وأصول القبائل العربية. ولم يكن من الغريب أيضاً أن يكون ظريفاً وذو حسّ دعابة وفكاهة.
ومنذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، اكتسب خويا الملك معزّة وتقديراً كبيراً، سواءً من الملك نفسه وحتّى من حاشيته وأبنائه. فكان معظمهم على قدر كبير من الوجاهة، من شيوخ قبائل أو حتّى من أفراد العائلة المالكة نفسها ممّن اكتسبوا لنفسهم مكانة محترمة في المجتمع السعودي، نظراً للدور التاريخي الذي لعبوه في توحيد المملكة. ولا يزال هذا التقليد مستمرّاً منذ عهد الملك عبدالعزيز حتّى يومنا هذا.
قد لا يعي العديد منّا أهميّة الخوي ومرتبته العالية، التي تحظى على ثقة وتقدير الملك أو الأمير أو غيرهم من أصحاب السلطة. ويعتبر أهل المدن، الخوي وظيفة دونية، لاعتقادهم أنّه عنصر أمن أو مساعد شخصي. ولكنّ أهل البادية يفخرون بهذه الوظيفة، ويجلّون الخوي، لعلمهم بما يتميّز به من اطّلاع ومقربة من أصحاب القرار والسلطة.
وربّما يكون "الخوي" هو النسخة السعوديّة "للـنديم"؛ فالنديم اسم كان يُطلق على مرافقي الخلفاء والسلاطين والأمراء والوزراء عبر العصور والتاريخ. وأترك للزميل متيّم جمال مهمّة تسليط الضوء والتعريف بـ "شخصيّة النديم في العصر القديم"، وحسبي أن أكون قدّمت شرحاً وافياً لـ" وظيفة "الخوي" في العصر السَوي"…