الأمير خالد الفيصل وحمد العماري

 الظروف التي يمر بها الوطن العربي تُحتّم عقد هذا المؤتمر.
خالد الفيصل لا يتوانى في توفير أي دعم تحتاجه المؤسسة.
بعض الأسماء قد تتكرر في «فكر».. ونحاول استقطاب خبرات جديدة.
نسعى لتشخيص الواقع الثقافي تحت سقف الحرية المسؤولة.

أوضح المدير التنفيذي لمؤتمر «فكر» السنوي حمد العماري، أن عدم تنظيم أحد مؤتمرات «فكر» في المملكة العربية السعودية حتى الآن يعود إلى أن عدم تلقي مجلس إدارة مؤسسة الفكر العربي طلب استضافة من مدن المملكة.

وأرجع سبب اختيار دبي لإقامة مؤتمر «فكر 11» بعد أن عُقد فيها العام الماضي «فكر 10»، إلى أن هذه المدينة آمنة، وتتوافر فيها الخدمات المطلوبة لعقد المؤتمر بنجاح.
وقال إن مؤسّسة الفكر العربي لا تأخذ موقفاً، ولا تتبنّى أي سياسات، إنّما يهيّئ القيّمون عليها الإطار الملائم لطرح التساؤلات، ويتركون الإجابة للمثقّفين والمفكّرين وأصحاب القرار.
وأكد العماري أن الظروف التي يمرّ بها الوطن العربي تُحتّم عقد هذا المؤتمر، الذي بات يشعل شمعة تلو الأخرى، لافتاً إلى أن المؤسسة تعمل على أساس الرؤية، التي وضعها مؤسسوها، وعلى رأسهم الأمير خالد الفيصل، الذي لا يتوانى في توفير أي دعم تحتاجه المؤسسة، في سبيل دفع الثقافة العربية قدماً، والإسهام في الارتقاء بالفكر العربي.
جاء ذلك خلال حوار لـ«الشرق» مع العماري، للحديث عن مؤتمر «فكر 11»، الذي تحتضنه دبي يومي 26 و27 نوفمبر الجاري، وعن دورات المؤتمر وإسهاماتها، وما يمكن أن تقدمه مثل هذه المؤتمرات للثقافة والفكر والمواطن العربي. فإلى نص الحوار:

دبي مرة أخرى

  • للمرّة الأولى تحتضن مدينة واحدة (دبي) مؤتمرين متتاليين لـ«فكر». لماذا؟

– نظراً للأحداث التي تشهدها بعض العواصم العربية، تبدو مدينة دبي أقرب إلى أن تكون جزيرة هادئة آمنة تتوافر فيها جميع الخدمات المطلوبة لعقد المؤتمرات. واستضافت إمارة دبي السنة الماضية مؤتمر «فكر» العاشر الذي انعقد تحت عنوان «ماذا بعد الربيع؟»، ونوقشت فيه قضايا الوطن العربي ونتائجه على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وكان المؤتمر ناجحاً بكلّ المقاييس.

احتضان المملكة

  • حتّى الآن، احتضنت ست مدن عربية دورات مؤتمرات «فكر»، ليس بينها مدينة من المملكة العربية السعودية، متى ستحتضن مدينة سعودية مؤتمراً لـ»فكر»؟

– نحن جاهزون لعقد مؤتمرنا في المملكة عند تلقينا دعوة من مدينة سعودية، وأعتقد أن مجلس إدارة المؤسّسة سيسعده تلبية هذه الدعوة.

مؤسستنا مستقلة

  • أثارت مؤسّسة الفكر العربي خلال السنة الماضية سلسلة من الحوارات والأسئلة حول الربيع العربي وما بعده من متغيّرات تحدث في المنطقة، وقد ذهب ضحيّتها رؤساء مثل (تونس ومصر وليبيا)، بينما تحولت مع سوريا إلى حالة من القتل والتفتيت الطائفي والمناطقي. من خلال النقاشات التي أثارتها المؤسّسة، هل ترون أنّ ما يحدث هو ربيع عربي، أو فوضى عربية؟

– لا تأخذ مؤسّسة الفكر العربي موقفاً، ولا تتبنّى أي سياسات، إنّما يهيّئ القيّمون على المؤسّسة الإطار الملائم لطرح التساؤلات، ويتركون الإجابة للمثقّفين والمفكّرين وأصحاب القرار. لذلك فقد اتّخذنا للمؤتمر شعار «ما الفكر إلا سؤال»، والمؤسسة لا تتمنى سوى الخير لجميع الدول العربية وشعوبها.
ومؤسسة الفكر العربي هي مؤسسة ثقافية فكرية دولية مستقلّة غير ربحيّة، ليس لها ارتباط بالأنظمة، أو التوجّهات الحزبية، أو الطائفية، تسعى لمواكبة هموم ومشاغل المثقف العربي دون أن تهمل الشارع العربي.

الشباب العربي

  • منذ ما يزيد على دورتين ماضيتين، وأنتم تحاولون إشراك الشباب العربي في فعاليات «فكر»، هل انعكس ذلك بشكل إيجابي على الشباب العربي؟ وكيف يتمّ اختيار هذا الشباب للمشاركة في مؤتمرات «فكر»؟

– شارك الشباب العربي منذ بداية انعقاد مؤتمرات «فكر» في هذه الفعالية، وقد أولت مؤسّسة الفكر العربي خلال السنوات الأخيرة اهتماماً خاصّاً لقطاع الشباب في المؤسّسة، وخصّصت للأنشطة الشبابية موازنة خاصة، ونظّمت فعاليات توجيهيّة، وأشركت الشباب في جلسات النقاش خلال المؤتمر الأخير، وأعتقد أنّنا سنرى في السنوات اللاحقة نتائج هذا الجهد بين الشباب العربي في مجتمعاتهم.

مشاركون جدد

  • يلاحظ مراقبون أنّ بعض الأسماء تتكرّر بشكل دائم في مؤتمرات «فكر»، هل هذا يعني أنّ الاختيار متوقّف عند تلك الأسماء؟

– هذا الكلام غير دقيق. صحيح أنّ بعض الأسماء قد تتكرّر انطلاقاً من حضورها الفكري والثقافي، لكنّنا نحاول دائماً استقطاب أسماء وخبرات جديدة، وفي هذه السنة عمدنا إلى إشراك أسماء ربما تكون معروفة على مستوى العالم العربي، لكنّها جديدة في مؤتمراتنا.

العالمية والعربية

  • كيف استطاعت مؤسّسة الفكر العربي دمج الرؤية العالمية مع الرؤية العربية؟

– لدى مؤسّسة الفكر العربي رؤية عربية تدعم الفكر العربي، وتهدف إلى المحافظة على اللغة الأم والثقافة العربية، وهذه المساعي لا تتعارض مع الرؤى العالمية، وبالتالي نحن لا نعيش في جزيرة منعزلة عن العالم، وعلينا أن نتواصل ونتشارك مع الثقافات والأفكار الأخرى، وأن نقدم للغرب وللعالم أجمع أبهى صورة عن الثقافة العربية والفكر العربي لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي شوّهت صورة العرب. هذا بالإضافة إلى أننا نعيش جميعاً في عصر العولمة التي جعلت الحدود وهمية، وقربت المجتمعات من بعضها بعضاً.

حصاد العام

  • ما أصداء هذه المؤتمرات، وكيف يمكن تفعيلها ضمن منهجية التعليم العربي، ليكون التغيير في الجذور؟

– مؤتمر «فكر» السنوي بمثابة حصاد مع نهاية كلّ عام، يجتمع فيه أعضاء الأمناء ومجلس الإدارة والمشاركون والمتابعون وأصدقاء المؤسّسة، ويُتيح هذا التجمع الثقافي والفكري العربي أن نتبادل الأفكار، ونطرح المواضيع والنقاشات التي تشغل المواطن العربي. إنّ أنشطة مؤسّسة الفكر العربي تسعى كلّها إلى التطوير من الجذور، سواء ما يتعلّق منها ببرنامج التعليم الذي يعمل على تطوير التعليم، بدءاً من المدرسة، وحثّ الجيل الجديد على القراءة بالعربية، أو ما يتعلّق بالتقرير العربي السنوي للتنمية الثقافية الذي يرصد الواقع الثقافي، وتغيير سياسات الدول في مجالات التعليم والبحث العلمي، وغيره، وصولاً إلى برامج الشباب التي تسعى لإشراك أكبر عدد من جيل الشباب في عملية التغيير في مجتمعاتهم.

سقفنا الحرية

  • كيف تتقبّل الحكومات العربية مؤتمرات «فكر»، وهل تأخذ النتائج بشكل إيجابي، وتحاول أن تغيّر قبل أن تعمّ الفوضى بلدانها؟

– تطرق مؤسّسة الفكر العربي البيوت من أبوابها، وتُجري نقاشاتها تحت سقف الحرية المسؤولة والمتاحة للجميع، نحن نسعى لتشخيص الواقع الثقافي في الوطن العربي، ونتائج مؤتمراتنا معلنة للجميع، بدءاً من المواطن العادي، وصولاً إلى صانعي القرار، ومسألة الأخذ بتوصيات المؤتمرات والتفاعل معها يعود للحكومات.

رعاية الفيصل

  • ما أثر دعم الأمير خالد الفيصل في استمرارية عقد المؤتمر بشكل سنوي، وعدم توقّفه رغم كلّ الظروف التي تمرّ بها المنطقة العربية؟

– أعتقد أنّ الظروف الدقيقة التي يمرّ بها الوطن العربي تُحتّم علينا عقد هذا المؤتمر الذي بات يشعل شمعة تلو الأخرى، في الوقت الذي تبدو فيه المنطقة في ظلام حالك، وبأشدّ الحاجة إلى حوار حضاري رفيع المستوى، بعيداً عن التشنّجات المذهبية والعصبية السياسية. والمؤسّسة بما فيها من قطاعات تعمل على أساس الرؤية التي وضعها مؤسّسو هذا الصرح الثقافي والفكري العربي، وعلى رأسهم الأمير خالد الفيصل الذي لا يتوانى في توفير أي دعم تحتاجه المؤسسة في سبيل دفع الثقافة العربية قدماً، والإسهام في الارتقاء بالفكر العربي.

إحدى جلسات الحوار في «فكر9»