بعد فترة من الإرهاق والسفر المتواصل، والجُهدين الجسدي والفكري، والإهمال لحالتي الصحيّة وبسب أنني أنسى أنني تعديت الأربعين من ثلاث سنوات فما زلت في كثير من الأحيان أقسو على نفسي، وأجهد جسدي وأدفنه في العمل المكتبي جالساً أمام الحاسب الآلي لساعات دون حراك، ومن دون ممارسة أيّة رياضة جسديّة! فإذا بجسدي يقرّر الانتقام منّي!
وأوّل ردّة فعل كانت إصابةٌ في معصم يدي اليمنى، منذ حوالي خمسة شهور، إذ شعرت بألم شديد، تبيّن بعد استشارة الأطبّاء أنّني أعاني بما يُسمّى باللغة الإنجليزية (Tennis Elbow) – وهي حالة تصيب عادة لاعبي كرة المضرب؛ لكنّ الغريب في الأمر أنّي لم ألمسْ مضربَ التنس منذ حوالي أكثر من عشرين سنة، ولكنّي أظنّ أنّني أُصبت بها نتيجة الإفراط في استخدام الحاسب الآلي. أمّا ردّة الفعل الثانية، يقرّر جسمي الانتقام منّي مجدّداً، فعندم أحسَسْت بألمٍ في ساقي – عادة ما يُصيب المتزلجين على الجبال! وبعد عودتي من السفر إلى بيتي، ازدادت حدّة الألم، رغم أنّني قمت بشراء مرهماً خاصّاً من الصيدليّة، وخضعت لجلسة تدليك في إحدى العيادات. فقرّرت في اليوم الثالث أن أمرّ بإحدى الصيدليات، عسى أن أحصل على الدواء الشافي، الذي يخفّف من الألم، ويريح العضلات. وطلبت من الصيدلي أن يعطيَني الدواء المناسب لتخفيف الألم، وأعلمته بمكان الألم. فأعطى لي دواءً لـ "استرخاء العضلات"…(كما ذُكر في ورقة الإرشادات)اشتريت علبة الدواء هذه، وكنت حينها سعيداً لظنّي أنني وجدت ضالتي التي سوف تريحني من الألم! وبما أن الصيدلي لم يذكر لي كيفيّة جرعات تناول الدواء، قرأت ارشادات الاستعمال، حيث كتب "حبة إلى حبّتين، ثلاث مرات في اليوم". وبما أنّه حينها كان اليوم لا يزال في منتصفه، أخذت حبّتين من الدواء، وحبتيّن أخرتين وبعد العشاء. وبدا كلّ شيئ طبيعيّ لحينه، فجلست بعد العشاء أشاهد الأخبار، لكنّها ألأخبار السيئة المتسارعة عكّرت مزاجي، لكثرة المصائب حول العالم، ودعيت الله أن يُفرج عن كربة إخواننا في غزة وينصرهم. ثمّ قرّرت أن أُكمل قراءة كتابٍ كنت قد بدأته منذ أيام حتى غالبني النعاس فتوجّهت إلى سريري للنوم…. لكن ما إن وضعت رأسي على الوسادة، حتى أحسست بألم مفاجئ في الجهة اليسرى من صدري، وبخدر بسيط في يدي اليسرى. فتملّكني الرعب، وسلب منّي القدرة على النوم؛ ورحت أستشهد أن "لا إله إلاّ الله"، متسائلاً: هل أنا أتعرّض لذبحة قلبية؟ هل الألم الذي يصيبني في ساقي هو جلطة؟ فقد كنت أسمع عن إصابة بعض الناس بأنواع من الجلطات في الساق أو الرأس، تسبّب الشلل! واستعرضت بسرعة شريط حياتي، وشعرت بالخوف على مصير زوجتي وأطفالي الصغار إذا ما حصل لي شيئ…وأحسست بالألم يشتدّ ويزداد في صدري. ورغم أنّي حاولت أن لا أوقظ زوجتي، سألتني هل أنت بخير؟" لكنّي لم أُرد أن أقلقها، فادعيت أنّ الألم قد زال رغم أنّه كان يزداد حدّة. وبعد أن استسلمت زوجتي مجدّداً للنوم، وذهبت إلى مكتبي، وعدت لقراءة ورقة الإرشادات المرفقة مع الدواء باللغة الإنجليزية هذه المرة؛ فإذ بي أجد أن هناك تحذير من آثار جانبية للدواء، كالخفقان الغير المنتظم لدقّات القلب. وبما أن القلب هو عبارة عن عضل، والدواء يُساعد في استرخاء العضلات، بدأ الوسواس يتضارب في رأسي. هل سوف تسبّب الجرعة التي تناولتها من الدواء في هبوط في ضغط القلب أو ذبحة قلبيّة؟… الحقيقة أنّه أحياناً، معرفة نصف المعلومة أو المعلومة ناقصة هي أشدّ خطراً من الجهل التام! فكما قال أحد الحكماء: «خير لك ألا تعرف شيئاً، من أن تعرف نصف الحقيقة» ". فبما أنّني كنت دوماً أهوى قراءة التقارير الطبيّة، وكنت أفاخر أمام أصدقائي بمعرفتي "في الطب" – حتى الأطباء منهم – جعلتني أحاول تشخيص ما كان يحصُل لي حينها! وبالطبع، لم أستطع النوم بسهولة تلك الليلة، وقضيت الليل وأنا أنتظر أن أصاب بذبحة قلبيّة! وطبعا أنّني نسيت كلّياً الألم الذي كان يضرب ساقي ولم أعد أحس إلاّ بألم في صدري!حاولت أن أشغل نفسي بمتابعة القراءة عسى أن أصرف ذهني عن التفكير والقلق. ولحسن الحظ، غالبني النعاس بعد فترة، فآويت مجدّداً إلى الفراش، يتملّكني خوف شديد من أن لا أصحى من نومي هذا أبدا!… من أن صحيت باكرا بعد أقل من خمس ساعات نوم وكنت سعيدا أنني لا أزال على قيد الحياة ذهبت لزوجتي أخبرها عن تفاصيل ما حدث وأعطيتها ورقة الدواء وقرائتها وافقتني الرأي و قالت لا تاخذ هذا الدواء مرة أخرى وانا في عقلي اقول "وهل عندك شك". أحسست أن الألم بداء يخف وأخذت زوجتي بالأتصال بأحد صديقاتها وهي طبيبة وسألتها إن كان له أيّة مضاعفات سلبيّة. فأشارت إليها الطبيبة بأنّه من الأفضل عدم التهاون في هذا الموضوع، وإجراء كشف طبيّ شامل لمعرفة إذا ما كانت قد نتجت عنه أيّة آثار سلبيّة وأخذ الحذر. سالتني زوجتي أن كنت أريد أن أذهب الأن للمستشفى أو نراقب الوضع. وللمعلومية فزوجتي من النوع الذي يحسب حساب كل شيئ ولا تحب المفاجئات السارة او الغير سارة ولا تبالغ في تصرفاتها ابدا لذلك عندما سالتني أن أردت الذهاب للمستشفى واجبت بالنفي فكنت اريدها أن تصر حسب توصيت الطبيبة الصديقة ولكنها أقتنعت بأجابتي وقالت إذ أحسست بألم نذهب على كل حال لم يفد أستجدائي للعطف من زوجتي التي كانت تصر ان ما أصابني وساويس وأني بخير وتقول "بس خفف من وزنك وسو رياضة ومافيك الا العافية". كونّ الألم والوسواس استمرّا، وإن كانت قد خفّت حدة الألم بعض الشيء. وعند المساء اتصلت بصديق طبيب وإداري في إحدى أكبر المستشفيات في منطقة الخُبر، وأخبرته بما حدث لي. وقال: "انشاءالله خير، بس أسوي لك موعد بكرا، وشوف طبيب أحسن علشان ترتاح ونطمئن عليك" وبالفعل الساعة 8 صباحا أتصل المستشفى بي لتأكيد موعد الفحص الشامل الساعة الحادية عشر وهناك بدأت الممرضة بفحص ضغط الدم، وكنت على أحرّ من الجمر لمعرفة نتيجته، التي جاءت "120 على 70!" ممتاز! وأصرّيت على الممرّضة بأن أرى النتيجة! وبعد ان رئيتها أرسلت رسالة من جوالي لزوجتي وردت علي بكلمة "مبروك" ثم اخذتني الممرضة للطبيب وتحدثت الى بأسهاب وعن الألم والدواء وماحصل وهو يومي برائسة وبداء يسأل الألم هنا وسط الصدروانا أقول لا وبعد ان نزل عشرة سنتيمترات الألم هنا وأنا أقول لأ ثم نزل بأصبعة مع التفاف القفص الصدري وانا أقول لا ألم هنا وأأشير الى مكان القلب هنا كان ألأنقباض وأمتد على طول يدي اليسرى إذا لا داعي للقلق هذا عضل وليس ألم القلب ولم أستطع اخفي أبتسامة بدت ترتسم على وجهي ولكن أريد أن أطمئن فقال الطبيب سوف نعمل تخطيط قلب وأن وجدنا مشكلة نعمل أختبار الركض على الجهاز. عدت لعيادة ثانية حيث تم عمل تخطيط للقلب نمت على السرير وضع المجسات على أنحاء صدري ويدي وساقي وشبكت بأسلاك على جهاز لتخطيط القلب وبعد دقائق أنتهى الأختبار وقالت الممرضة قلبك طبيعي قلت ممكن أشوف قالت بعد إزالة المجسات التي ألصقت على جميع أجزاء جسمي وعكر ألم نزعها من فرحت النتيجة وكان الله في عون النساء الذين ينزعن الشعهرن بالحلاوه فلولا الحياء لصرخت من شدت الألم وكمية الشعر الذي أنتزع في كل مرة ووددت أن عيد زراعة الشعر المنزوع من جسمي على راسي الأصلع والممرضة تضحك من نكتتي … وبعد أن لبست ملابسي وتأكدت من النتيجة للمرة الثانية أرسلت رسالة لزوجتي "تخطيط القلب ممتاز والقلب طبيعي" وردت برسالة ثانية "ماقلت لك من الأول" طبعا ما أعجبني الرد بس كنت في غاية السعادة وماهمني الرد كثير وبدات أفكر كيف أتهرب من الوعود الي قطعتها لزوجتي بممارسة الرياضة والتوقف عن تدخين السيجار مع جاري في الحديقة والدخول في نقاشات حامية في كل المواضيع وهي من أفضل هوياتي وكنت حاولت مرات عديدة أن أقنعها أن هذة النقاشات هي مثل الرياضة للمخ وان السيجار الذي أدخنة بين فترة وأخرى غير ضار مقارنة بالسيحاير العادية طبعا لم تقتنع ولم أستطع أن أدخن في المنزل أبدا. كان صديقي الدكتور وعدني بالغداء بعد أن أنتهي من الفحوص أتصلت في مكتبة أخبرتني مساعدتة الشخصية أنه خرج للغداء وبما أنة يغلق جوالة وقت وجودة في المستشفى وبعد أن ركبت السيارة وقبل الخروج من الموقف اتصلت بزوجتي وقلت "الحمدلله كلو سليم الدكتور قالي أني صحتي حديد زي شاب في العشرين ولازم أتزوج وحدة جديدة" طبعا المزحة ما أعجبتها أبدا وقالت "أمس كنت تودع بتموت والحين زوجة ثانية سبحان مغير الأحوال" قلت "أمزح أنتي الكل في الكل ياحبيبتي" وردت "ياثقل دمك وانت فرحان أو انت خايف" خليت الردها الأخير يمشي وقلت "أبغى غداء تراني ميت من الجوع" وأتجهت للبيت ابي أشوف عيالي ولأبتسامه على وجهي من الأذن للأذن. والحقيقة ان أخطر مافي الموضوع هو تناول الأدوية دون أستشارة الطبيب والحمدالله أن التجربة أستطيع أن أسخروأتحدث عنها وأن كانت شديدة الجدية فإستعمال الصيدلي كطبيب يصرف الأدوية الخطيرة هو خطاء وأنا لا أعفي نفسي من المسؤلية ولكن أتمنى الرقابة على الصيدليات من صرف الأدوية الخطيرة دون وصفة من طبيب مختص.أخرى من النتيجة وأرسلت للمرة الثانية